"دعوني أوكد لكم إعتقادي الراسخ بأن الشيء الوحيد الذي يجب أن نخافه هو الخوف ذاته. إنه الخوف غير المنطقي وغير المبرر الذي يشل من القدرة على تحويل الهزيمة إلى تقدم"
في مراسم تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية عام 1933 القى فرانكلين روزفلت خطابا مؤثرا عرض فيه خطته في القضاء على الركود الاقتصادي واغاثة الفقراء والمتشردين جراء الأزمة ، وتضمن خطابه عبارته التحفيزية تلك والتي قد تبدو عبارة غبية للبعض ولا معنى لها إلا أن الأمر ليس كذلك عندما تكون جنديا من النخبة ! فعليك حينها الالتزام بهذا الاقتباس وترديده كالصلاة، والسبب أن القوات المسلحة تواجه خطرا يهدد حياتهم بشكل منتظم وإذا تمسكوا بالخوف كمرجع للنجاة فلن تمر أيامهم على خير ابدا !! وبما أن الحياة تحمل معها مخاوف لم نختبر مثلها من قبل فلا يوجد سبب يمنعنا من تعلم أساليب التعامل مع الخوف في حياتنا، سنعرض هنا 8 حيل عسكرية ينصح أطباء النفس أي شخص باعتمادها في حياته للتخلص من الرهاب
1-تخصيص الكثير من الوقت للتحظير
هل لديك مقابلة عمل بعد أيام وانت الآن تشعر بالخوف يسيطر عليك؟ هل تنتظرك محاضرة مع شخصيات مهمة؟ مسابقة أو امتحان لاتدري عنه شيئا؟
من بين مفاتيح القضاء على الخوف تكريس اكبر قدر من طاقتك للتحضير والتحضير ثم التحضير وفقا لجيمس واترز James Waters مستشار سابق للبيت الابيض "إننا نقضي 75٪ من وقتنا في التحضير للنشر وحوالي 25٪ على النشر".
فعوض تضييع الوقت في القلق والتفكير فيم قد يحدث اشحذ سيفك الذي ستقاتل به حتى لو لم تكن متأكدا من فوزك، فأنت بهذه الطريقة تساهم في تقوية ثقتك بنفسك وتجعل المجهول الذي يخيف عقلك معروفا ومعالمه ستصبح أكثر وضوحا وبذلك لن تخدعك تخيلاتك بشأن المخاطر التي قد تواجهك وفي النهاية ستجد نفسك في أنسب موضع للتعامل مع المخاطر .
2- تعلم من الجوكر The Joker
من بين الطرق الأكثر فعالية للتخلص من الخوف هو الضحك عليه، وحسب ووترز فإن الضحك على الخوف يقلل من هيبته امامك ويجعل عقلك يدرك أن كل شيء سيكون على ما يرام لأنك بقوة تفكيرك قلبت الموازين لصالحك وتحديت الوحش الذي يواجهك لتحوله من وحش مفترس الى قط أليف مضحك.
وهناك دليل علمي يدعم هذه النظرية ؛ في دراسة أجريت بجامعة ستانفورد تم تقسيم مجموعة من الاشخاص بأعمار مختلفة الى مجموعتين: الأولى تم تدريبها على إلقاء النكات وتعاليق ساخرة على صور مزعجة، بينما المجموعة الاخرى تم عرض الصور لها مباشرة دون ذكر السبب وتوصل الباحثون الى ان المجموعة الأولى حافظت على مزاجها وسلامة صحتها العقلية أكثر من المجموعة الثانية التي لم يتم تدريبها على السخرية من الصور القاسية وتعاملت بشكل دراماتيكي مع الموضوع مما تسبب في ارتفاع هرمون الادرينالين وضغط الدم .
الضحك في وجه الخوف يجعله يهرب خجلا من نفسه! ثم إن العالم الذي نعيش فيه متعدد الأبعاد ورؤية الأمور عن طريق الجانب المضحك منه يمكن أن يجعل العيش في هذا الكوكب اسهل بكثير .
3-تنفس، تنفس، تنفس
القلب ينبض بسرعة يكاد يخرج من صدرك، والعرق يتصبب من وجهك ومغص يصيب معدتك..كل هذه الاعراض وأكثر تعتبر استجابة جسدية يعتمدها عقلك لمواجهة الخوف، لذلك يتم تدريب القوات العسكرية على طريقة فعالة في التحكم بالرجفة وخفقان القلب وذلك بالتنفس لأربع ثوان شهيق وأربع ثوان زفير مما يعيد الجهاز العصبي لحالة السكون واستعادة السيطرة على وضائف الجسد.
وكما قال مدرب "نافي سيلز" : "انك تقوم بثني برنامج الجسم حتى تتحكم في أجهزته" بحيث شبه العقل بالسوفتوير الذي يسهل برمجته للتحكم بالهاردوير الذي هو الجسم. وهو ما وصفه بأعظم قوة تكمن بداخل الانسان وتم تجاهلها لعدم فهم حقيقتها.
4- لاتبقيه معبئا داخل زجاجة
الخوف مثل الخمر القذر فهو لايمتص اجمل لحظات حياتك فحسب بل له تأثيرات طويلة المدى لذلك يجب التخلص منه فورا قبل أن يؤدي اختماره لكارثة قد تودي بحياتك. وفقا للعقيد ديفيد م. وهو طبيب جراح فإن الجنود عندما يتحدثون عن تجربة مخيفة سواء اثناء جلسة علاج او خلال لعبة ورق بينهم فذلك يساعدهم على إيجاد نوع من المعنى لها بحيث يترسخ في أدمغتهم أن المخاوف قد تكون مشتركة ويضعف بعدها تهويل الأمور في الدماغ، فالعقل احيانا يبالغ في إعطاء الأمور أكثر من قيمتها !!!
اذا كنت خائفا من شيء ما فقد يكون الحديث عنه مع صديق او قريب هو الحل الأمثل لمواجهته علنا فسماع نفسك تقول بصوت عال انك خائف منه يساعدك على طرحه في العراء ومواجهته مباشرة في الواقع.
5- تحدث عبر صوتك الداخلي
لقد اعتدنا جميعا على ذلك الصوت الذي يتحدث طوال اليوم في اذهاننا لنتفق جميعا انه احيانا يتفوه بحماقات وقد يتحول لزوج الأم الذي لايتوقف عن وصفنا بالفاشلين عديمي الفائدة، هذا مايحدث بالفعل اثناء التوتر ! تولد أدمغتنا حديثا ذاتيا من شأنه أن يزيد الخوف والقلق لدينا، لذلك يتعامل الجنود مع هذا الصوت بمقاومته من خلال الصراخ الذهني عليه اثناء تنفيذهم لمهمة خطرة، لقد تم تدريبهم على تكرار كلمات مثل "اسرع" عندما يحتاجون للمراوغة، و "حسنا، تقدم" لاسكات الصوت الذي يدفعهم للترد اثناء مهمة انقاذ أو هجوم. ومع الممارسة الكافية يتعلمون تجاهل صوت الخوف بداخلهم، وأوضح الخبير واترز أن الأمر ينجح مع أي شخص يعود نفسه على التحدث بصوته الذهني في حياته اليومية.
6- فكر في أسوء سيناريو
أيا كان ماتخافه هجوم وحش مفترس، نمور، مواجهة مختل عقليا يمكنك دائما اختيار تجنبه لبقية حياتك ، لكن الجنود لايتمتعون بهذه الخيارات فهم يعلمون أنهم على الأرجح سيواجهون مواقف من شأنها أن تخيفهم بجد! وحتى يضمن قادة الجيش أن الخوف لن يجد طريقه لعقل الجندي عندما تكون حياته على المحك فإنهم يدربونهم على تقنية محاكاة السيناريو الأكثر ارهاقا ، ويتم تسجيل كلامهم ليحاولوا محاكاة السيناريو الاسوء وجعلهم يعيشون التجربة نفسها بالممارسة العملية حتى يكون لها تأثير أخف عند مواجهتها في الواقع بالاضافة لخلق تحليلات وتوقعات مسبقة عن الحلول وطرق النجاة. والعلم يدعم هذا ايضا فقد اثبتت دراسات اجتماعية أن تجاهل المخاوف بافكار سعيدة لها اعراض سلبية على العقل بحيث قد يتعرض للاتلاف عند تلقيه صدمات مثل وفاة شخص عزيز او فقدان وضيفة، كما تشير الاحصائيات إلى أن الأشخاص الذين نجوا من كوارث مميتة كانوا قد عاشوا ذلك في تخيلاتهم من قبل وتوصلوا لحلول النجاة قبل حدوثها، لذلك عندما يسيطر عليك الخوف من التقدم لوضيفة أو التحدث مع مسؤول مثلا فكر في أسوء سيناريو يمكن ان يحدث لك بعدها؟ وكيف ستتصرف حياله، وهل سيؤدي ذلك لنهاية حياتك؟ (اكيد لن تنتهي حياتك 😅)
7- تأمل الخوف بعيدا
ربما لاتخطر ببالك صورة عسكريين يجلسون القرفصاء في دائرة ويرددون "Om!" كجزء من التدريبات الصارمة التي يمارسونها يوميا، لكن ذلك يحدث بالفعل! التأمل طريقة يعتمدها جنود النخبة الآن للتخلص من التوتر استعدادا للقتال. تم تقديم برنامج لممارسة التأمل والسيطرة على الخوف warrior Mind training او بمعنى "تدريب عقل المحارب" صمم من طرف أخصائين في طب الاعصاب وجراحة المخ خصيصا لاحتياجات القوات المسلحة للمجندين الجدد والمحاربين القدامى للتغلب على الخوف وتفادي الصدمات النفسية ما بعد الحرب ليس هذا فحسب بل أيضا لزيادة القدرة على التعامل مع الضغط والتكيف مع المجتمع بشكل عادي، وقد ثبتت فعاليتها على الصحة العقلية.
فقط تصور أن مجرد تأمل وممارسة تنفس منتظم يمكن أن يفيد رجال يركضون خلف الدبابات ويقابلون الموت وجها لوجه يوميا، فمن دون شك أن هذا الأمر سيساعدك انت ايضا على الاسترخاء بشأن التقرير الذي ستقدمه غدا لرئيس عملك، او الامتحان المصيري الذي ينتظرك.
8- إستمر في الخروج من منطقة الأمان
عندما يصدر قادة الجيش أمرا فإن مهمة الجندي تعريض حياته للخطر مرارا وتكرارا، ولا مجال للشعور بالامان لمدة طويلة، ويجد خبراء النفس أن هذه الطريقة مثالية للتغلب على الرهاب ومن خلال تكرار تجربة عاطفية قاسية مرات عدة يبدأ الخوف بالتلاشي وهو نفس مبدأ العلاج بالتعرض .
رغم أن البقاء في منطقة الأمان يشعرك بأنك بعيد عن التحديات ووجع الرأس إلا أن الخروج منها يشحذ شخصيتك ويبقيك مستعدا لمواجهة أي تحدي يعترض طريقك.
The key is to not think of death as an end, but as more of a very effective way to cut down on your expenses
– Woody Allen
تعليقات
إرسال تعليق
شكرا على تفاعلك معنا، سيصلك الرد لاحقا