بينما تجلس سارة في مكتبها مقابلة كومة الأوراق التي يجب عليها مراجعتها، تلقت باقة ورد ناولها ساعي البريد، قلبت الورود بأطراف أصابعها ثم شمتها بكل رقة فلمحت ورقة مكتوب بها "مجهول" تذكرت جارها الذي لايتوقف عن مغازلتها ويفعل أي شيء ليلفت انتباهها فقالت من الواضح أنه ذلك الغبي ألا يعرف أني احب زوجي كثيرا؟ ثم ألقت بنظرها إلى نافذة المكتب وهي تفكر متحسرة ليته كان زوجها هو من أرسل إليها الورود، لكنها تذكرت شجارها العنيف معه ليلة أمس بسبب الموضفة التي سترافقه في رحلته المهنية خارج المدينة، وكونها تغار عليه كثيرا طلبت منه أن يلغي الرحلة لكنه لا يستطيع وإلا سيفقد وضيفته، فحاول اقناعها بكل الأساليب أنها الوحيدة التي يعشقها في حياته وأن قلبه لن تحركه فتاة أخرى مهما كانت بغاية الجمال؛ إلا أنها لم تقتنع بكلامه فرفع صوته عليها مما جعلها حزينة جدا.
قلبت سارة قطعة الورق لتجد رسالة مكتوبة: سامحيني ياحبيبتي لأني صرخت عليك البارحة، سوف أضل أحبك حتى تذبل آخر وردة في هذه الباقة .فابتسمت وعرفت بأنه زوجها، ثم بعثت له رسالة على هاتفه : وهل هناك وردة في العالم لاتذبل؟ هذا يعني أن حبك لي سيبقى رهن هذه الورود ... ياخسارة .
فاكتفى برسالة قصيرة: أجل، اعتني بها جيدا!
لم تعرف سارة هل هي مزحة جديدة من زوجها أم أنه يختبرها في شيء ما.
وعند عودتها للمنزل أخذت الورود ووضعتها داخل قارورة ماء مع القليل من السكر، ونظرت اليها حائرة وهي تفكر كيف يمكنها الحفاظ على تلك الورود دون أن تذبل، أخبرتها صديقتها أنه يجب عليها أن تضعها داخل مادة حافظة حتى تبقى حية للأبد لكن سارة رفضت وقررت تركها تذبل حتى يرى العالم قساوة زوجها، وشعرت بالأسى من المعاملة الباردة لزوجها اتجاهها خاصة في الفترة الأخيرة منذ ظهور تلك الموضفة التي تحاول إغراءه بكل الطرق وتسبب له المشاكل.
مرت الأيام وبدأت الورود تذبل والتقطت سارة آخر صورة للورود اليابسة ثم أرسلتها لزوجها : قريبا سينتهي حبك لي إذن؟ فأجابها ضاحكا : أجل! عندما تذبل اخر وردة .
شعرت سارة بالحزن وكتمت دموعها ثم قالت له: لقد تغيرت كثيرا، استمتع بوقتك مع تلك السكرتيرة الغبية !
ومرت الأيام حتى ذبلت جميع الورود إلا وردة واحدة، أخذت سارة تتأملها باستغراب أي فصيلة من الورود هذه التي لا تذبل ؟ فلمست أوراقها لتكتشف أنها ليست وردة حقيقية، رغم أنها كانت تبدو حقيقية تماما.
ضحكت سارة بصوت عال وشعرت بسعادة لاتوصف، وتساءلت كيف غاب عن بالها هذا الأمر ! فاتصلت بزوجها ثم ضحك على سذاجتها وأجابها بلطف :أخبرتك ياعزيزتي أن حبي لك لا يموت أبدا، ذبلت جميع الورود لعدم توفر مايغذيها بينما صمدت الوردة التي صنعت خصيصا لتبقى جميلة للأبد، هكذا هو حبي لك قد تقتل المشاكل اليومية الابتسامة في وجهي وقد تحزنني بعض المناوشات التي تحدث بيننا ولكن هناك مكان في قلبي لايذبل فيه حبي لك أبدا لأنه صنع خصؤصا لك وحدك، توقفي اذن عن ترقب نهاية حبنا رجاء فذلك لن يحدث أبدا.
بكت سارة من كلمات زوجها الحنون وأخبرته أنه أغلى ماتملك في حياتها، ووعدته بأن لا تشك في حبه ثانية لأنها تعلمت درسا جميلا لن تنساه للأبد .
وبعد عودة زوجها للمنزل اتضح أنه ذهب للرحلة المهنية وحده بعدما ألغى تذكرة السكرتيرة احتراما لرغبة زوجته.
تعليقات
إرسال تعليق
شكرا على تفاعلك معنا، سيصلك الرد لاحقا